الثرثرة طابع بشري مزعج لكثير من الناس، خاصة لو أصابتك ثرثرة المتكلم في وقت تحتاج فيه إلى التركيز في شيء ما أو حتى تحتاج إلى الاسترخاء بعد مجهود بدني أو ذهني شاق، وتؤدي الثرثرة أحياناً إلى الجنون وتدفعك لارتكاب حماقات لتنعم ببعض الهدوء وتستمتع ببضعة لحظات من الصمت، وفي بعض الأوقات تود لو دسست إصبع من الديناميت في حلق أحدهم ليخرس قليلاً! نعم.. أعلم أنك لن تتردد في فعلها لو استطعت.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

لكن ماذا عن الثرثرة الإلكترونية؟ هذا الشخص السخيف الذي يملأ صفحتك الرئيسية ضجيجاً على موقع التواصل الاجتماعي المفضل لديك بالكلام الفارغ كل دقيقة، حتى أنك لا تجد أي فرصة لرؤية أية منشورات سوى ما يكتبه هذا الثرثار، وحتى تتساءل متعجباً: ألا يوجد ما يفعله هذا الشخص في حياته ليشغله قليلاً عن كتابة هذا الهراء؟

المشكلة أنك لا تجرؤ على حذفه لأنه ربما يكون أحد الأصدقاء أو المعارف ولا تريده أن يأخذ على خاطره منك، وفي نفس الوقت تريد متابعة أشياء أخرى أيضاً، فليس من العدل أن تطغى منشوراته – التي لا تهمك في شيء – على صفحتك الرئيسية ويختفي كل ما هو مهم منها! أيضاً هناك هؤلاء الذين يكتبون آراء مناهضة لآرائك ومعتقداتك، أو ينشرون محتوى غير لائق بالنسبة لك وعادي بالنسبة لهم، لا تستطيع حذفهم أيضاً لسبب ما، ولكن ما ينشرونه تتأذى بسببه وتود إن لم تره من الأساس.

لهذا فقد قوبل خيار عدم المتابعة الذي أضافه موقع فيس بوك منذ فترة بترحاب شديد من المستخدمين الذين وجدوا فيه الخلاص من هذا الجحيم المزعج، فأنت لم تحذف هؤلاء الأشخاص، ولكن في نفس الوقت تنعم بصفحتك الرئيسية كما تحب أن تراها – هذا بخلاف الخوارزمية المتبعة حالياً في إظهار المنشورات حسب اهتمامك وزيارتك لحسابات وصفحات معينة – وأفضل ما في الأمر أن الشخص الآخر لا يعلم بأنك قد اخترت عدم متابعته.

هذا في موقع فيس بوك والذي يوجد به أزرار “إضافة” و”تتبع”، ولكن ماذا عن تويتر والذي يعتمد في الأصل على التتبع؟ فأنت إن تتبعت شخص هناك فأنت إذاً مهتم بما ينشره، وإلا فلما تتبعه من الأساس؟ ولكن بالتأكيد هناك أيضاً بعض الأصدقاء والمعارف الذين تجد نفسك مجبراً على تتبعهم بعدما يأتون إليك بابتسامة عريضة تبين صفي أسنانهم ويطلبون منك عمل تتبع لحساباتهم.

ولكن تويتر لم يعط أهمية لهذا الأمر، وظل منذ نشأته وحتى لحظة كتابة هذه السطور يعتمد على التتبع وعدم التتبع فقط، برغم تطوع بعض تطبيقات الطرف الثالث مثل Tweetbot لإضافة خاصية Mute للحسابات والتي تشبه خاصية عدم التتبع في موقع فيس بوك، حيث تظل متتبعاً لحساب الشخص ولكن بدون ظهور تغريداته على صفحتك الرئيسية.

ويبدو أن تويتر انتبه لهذا الأمر أخيراً وأدرك أهميته، أو أنه يستكمل سياسة سحب البساط من تحت أقدام تطبيقات الطرف الثالث بعدما استحوذ على تطبيق Tweetdeck حتى يجبر المستخدمين على استخدام تطبيقاته الرسمية على المنصات المختلفة، وأياً كان السبب فإنه في النهاية رضخ وأعلن بأنه خلال الأيام القادمة سيدعم ميزة Mute أو الوضع الصامت للحسابات رسمياً، وستضاف تلقائياً للموقع الرسمي وفي تحديث جديد لتطبيقات تويتر الرسمية على أنظمة تشغيل الهواتف المختلفة.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

إذاً فقد آن الأوان لتريح رأسك من ثرثرة المغردين غير المرغوب فيهم، ودون أن يعلموا بذلك، وشخصياً فقد أراحني هذا القرار كثيراً، فلكم أود أن أرى ما أريد أن أراه حقاً على صفحتي الرئيسية على تويتر مثلما أفعل على فيس بوك وجوجل بلس، وماذا عنك عزيزي القارئ؟ هل كنت تنتظر أنت أيضاً هذه الميزة أم أنها لا تمثل لك أهمية تذكر؟